في يوم اعتزال محمود عبدالرزاق شيكابالا قائد الزمالك، حكت المشجعة السودانية ترتيل عثمان، عن قصة تعرضها للعنصرية وكيف ساعدها الفهد الأسمر على تخطي هذه الأزمة، حتى أصبح بعد ذلك بطلها الأسطوري الأوحد.
وفيما يلي أسئلة الحوار..
اسمي ترتيل عثمان، أعمل حالياً كمعالجة (ثيرابيست)، وقد درست في جامعة القاهرة.
في الحقيقة، لم تكن لدي أي معرفة أو اهتمام بكرة القدم على الإطلاق، حتى عرفت شيكابالا.
عندما كنت صغيرة، في أول أسبوع لي في المدرسة، جاء إلي بعض الأطفال وقالوا لي: “شيكا شيكا شيكابالا، هات الجون وتعالى.
ومنذ تلك اللحظة، ارتبط اسم شيكابالا بطفولتي.
حتى بعد أن كبرت، وطوال سنوات الدراسة حتى تخرّجي من الجامعة، كان يُنادى عليّ في الشارع بلقب شيكا.
لأن شيكا كان بطلاً يشبهني، كان مختلفاً عن الصورة النمطية للأبطال الذين نراهم دائمًا.
كان بالنسبة لي نموذجًا مختلفًا، شخصًا يشبهني في الشكل واللون، وفي نفس الوقت كان ماهرا وناجحاً، فشعرت أنني أريد متابعة هذا البطل “بطل مختلف وشبهى”.
العنصرية كانت موجهة لكل من بشرته داكنة أو غير فاتحة، فجأة، يتحول اسمك الحقيقي إلى أسماء مثل: شوكولاتة، سمّارة، سوداء، أو حتى شيكابالا.
ورغم أن البعض يظن أن هذا مجرد “هزار”، لكنه في الحقيقة شكل من أشكال العنصرية، لأنه انتقاص من الهوية، وتقزيم للشخص لمجرد لون بشرته.
أن يتم اختصاري في قالب لون فقط، هو أمر مؤلم، وتجربة سيئة للغاية.
أقول لهم: أنتم مش لوحدكم، ومش أقل من أي حد، ولو المجتمع مش قادر يشوف المشكلة، إحنا نقدر نعرفها ونفهمها ونتكلم عنها.
شيكا، على مدار سنوات طويلة، كان له نصيب الأسد من المعاملة المختلفة فقط لأنه داكن البشرة، منذ بدايته، من أول مدرب رفض إشراكه في الملعب، وحتى وهو نجم كبير، ظل يُعامل بشكل مختلف.
وللأسف، لا يكون السبب شخصيته أو سلوكه، بل لونه فقط، وأعتقد أنه إذا كان المجتمع جاداً في مواجهة هذه المشكلة، فعليه أن يسمّي الأمور بمسمياتها.
ما تعرض له شيكابالا هو عنصرية، بكل وضوح، وهناك مليون موقف يؤكد ذلك.
قررت كتابة قصتي عندما سمعت خبر اعتزاله، وحزنت كثيراً، شيكابالا “أسطورتي الخاصة”، وكان هو الشيء الوحيد الذي كنت أتابعه بشغف منذ طفولتي وحتى مراهقتي.
كان خبر اعتزاله صعباً للغاية بالنسبة لي، فقررت أن أكتب لأني بالفعل مهتمة.
عندما قام شيكابالا بنشر قصتي، خفت من ردود الأفعال، فوجئت بكمّ كبير من الناس تنكر ما كتبته، وتتهمني بالكذب، لكن في المقابل، وجدت آلاف الشباب يحكون تجارب مشابهة لتجربتي.
ببساطة، من في مصر لم يُنادى عليه يوماً بلقب شيكا أو سمّارة أو شوكولاتة فقط بسبب لون بشرته؟
عرفت من صديق لي، ومش مصدّقة، بقالي أربع أيام أدخل وأشوف البوست وأخرج!
أسطورتي نشر لي بوست؟ بالطبع سعيدة للغاية، دي حاجة كبيرة أوي بالنسبالي.
نعم، أتابع الزمالك، بدأت وأنا صغيرة.
أول مباراة تابعتها كانت في عام 2010 ضد بترول أسيوط، وقتها أحرز شيكا هدفين.
السوبر المصري بين الزمالك والأهلي عام 2016، هي المباراة الأقرب إلى قلبي.
بصراحة؟ لا، طبعاً لا، أنا لا أستطيع تخيّل الزمالك بدون شيكابالا.
وجوده وحده في الملعب يشعرني بالأمان، هو ليس مجرد لاعب، هو “روح الزمالك”.
يمكن لأني كنت صغيرة ولوني مختلف، كان الإحساس بوجود شخص شاطر وناجح وشبهنا، بيخليني أحس إني مش أقل من أي حد، وإنّي أقدر أنجح زيه.
يا شيكا… يمكن تكون علّمتنا الكورة، لكن الأهم إنك علّمتنا الانتماء، والكرامة، والوفاء وعلّمتنا إن الشخص المختلف، حتى لو حاولوا يلغوه أو يسكتوه، يقدر يفضل رمز.
أنت كنت دايماً أكتر من مجرد لاعب، كنت صوتنا، وكنت الروح اللي بتسكن في الزمالك، كل مرة لمست فيها الكورة، كنا بنحس إننا بنحلم، وكل مرة حاولوا يسكتوك، كنت بترجع أعلى.
وجع كبير إننا نشوفك بتبعد، بس فخر أكبر إننا عشنا في زمنك، شكرًا إنك خلتنا نحب الزمالك أكتر، ونفخر إننا من جيل شاف شيكابالا، مش هتغيب، لأن الأسطورة عمرها ما بتختفي… لكنها بتتحول لحكاية بتتقال من جيل لجيل.
وأتمنى إن التاريخ يفضل يخلد اسمك، مش بس عشان شطارتك في الملعب، لكن عشان وجودك نفسه كان دافع كبير لينا كلنا